الدروس الخاصة للنساء

سيد رضا الطبطبائي - 20/05/2012م - 3:24 م

كانت المحاضرات والدروس تركز في البداية على دور المرأة في المجتمع وأهمية ذلك في تغييره والتأثير فيه، وتكوين تيار إسلامي واع يستطيع تقديم الإسلام الصافي النقي للأمة بحيث تتمكن من أخذ مكانتها بين الأمم الأخرى ولها موقعها المؤثر وصوتها القوي فيما يجرى على ساحاتها وتكون لها شخصيتها المستقلة في أحداثها..


من النشاطات والخطوات التي قام بها سماحة الشيخ على الكوراني في أوائل السبعينيات من القرن العشرين تخصيص فترة يلقي فيها سماحته بعض التوجيهات والإرشادات والنصائح للأخوات المؤمنات، وذلك من خلال المحاضرات والدروس التي كان يلقيها على مسامعهن، وحسب علمنا كان ذلك للمرة الأولى التي يقوم بها أحد العلماء أو أئمة الجماعة في الكويت بذلك، وكان لذلك صدى كبيراً في المجتمع، واستمرت هذه الدروس والمحاضرات لفترة طويلة وحتى مغادرة سماحة الشيخ الكوراني دولة الكويت واستأنفت من قبل سماحة الشيخ محمد مهدي الآصفي بعد وصوله إليها كإمام لجامع النقي خلفاً للشيخ الكوراني، وانتشرت الدروس بعد ذلك في بعض المساجد والدواوين والحسينيات.

وكالعادة كنا نتعرض في البداية لكثير من النقد وكان أحياناً لاذعاً ومصحوباً بالاستهزاء والتهكم، ولكن بحمد الله تعالى وعونه استمر هذا العمل بكل قوة وإصرار ونشاط، وكان لتفاعل الأخوات المؤمنات دوراً حيوياً في ذلك، وخاصة أن مثل هذه المحاضرات والدروس كانت تركز في البداية على دور المرأة في المجتمع وأهمية ذلك في تغييره والتأثير فيه، وتكوين تيار إسلامي واع يستطيع تقديم الإسلام الصافي النقي للأمة بحيث تتمكن من أخذ مكانتها بين الأمم الأخرى ولها موقعها المؤثر وصوتها القوي فيما يجرى على ساحاتها وتكون لها شخصيتها المستقلة في أحداثها  .

كان سماحة الشيخ علي الكوراني يبدأ هذه الفترة المخصصة للأخوات المؤمنات بإلقاء محاضرة تتناول الموضوعات العصرية والتي نحتاج لها في مثل هذه الأيام وخاصة فيما يتعلق بدور المرأة وكيفية تعاملها مع ما يجرى من أحداث في عالمنا الحاضر ورأي الإسلام في ذلك وأهمية التمسك بديننا الإسلامي وضرورة عدم تخلينا عن المبادئ التي نور وجودنا بها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الكرام الطاهرين عليهم السلام، وكان سماحته يكرر مقولته المشهورة بأن الإسلام هو مشروع الهداية الإلهي أمام مشاريع الضلال البشري، وما أصاب المسلمين من ضعف وهوان وتراجع وتخلف واستكانة هو نتيجة تخليهم عن إسلامهم وعن مبادئهم وقرآنهم، وكان يشدد على رجوع الأمة الإسلامية إلى أصالتها وتراثها وقيمها ومبادئها لتأخذ موقعها بين جميع الأمم وتكون لها كلمتها كأمة مستقلة غير تابعة، وكان سماحته يركز على وجوب عدم الانبهار بالحضارة الغربية والذوبان فيها، وكان دائم النصيحة للأخوات المؤمنات وتشجيعهن للتحلي بالأخلاق الإسلامية، وضرورة ارتداء الحجاب الإسلامي، وعدم الخوف من ذلك ومن كان يعيش منا تلك الأيام كان من الصعب أن يرى فتاة في الجامعة أو الثانوية ترتدي الحجاب بالصورة التي نراها في هذه الأيام، وفعلاً بدأ عدد كبير من الأخوات المؤمنات يرتدين ذلك حتى أصبح خلال سنوات قليلة من الظواهر الملفتة في المجتمع وخاصة في الجامعة والمدارس  .

ونعود فنقول بأن سماحته كان بعد الانتهاء من المحاضرة يفسح المجال للأخوات لأسئلتهن وتعقيباتهن واقتراحاتهن، وكل ذلك كان يتم عن طريق توزيع الأوراق عليهن، وكان التجاوب كبيراً من قبلهن وكان ذلك يثري النقاش  .

وجدير بالذكر لأن نشير إلى أن أكثر المحاضرات والدروس التي كان يلقيها سماحته عليهن كان بناء على طلبهن واقتراحاتهن، ونشير أيضاً بأن أولى المحاضرات والدروس كانت تلقى على الأخوات في حسينية سيد محمد في منطقة بنيد القار عصر يوم الخميس من كل أسبوع وكان ذلك بعد الاتفاق الذي جرى بين سماحة الشيخ علي الكوراني وإدارة الحسينية، نظراً لعدم وجود مكان مخصص للنساء في الجامع (جامع النقي) يمكن الاستفادة منه لهذا الغرض، وأتذكر بأن من الملاحظات التي أبداها سماحته في أول لقاء له مع الأخوات المؤمنات ما يفيد بأنهن لسن في حسينية تقليدية، وليس الغرض فقط الحضور، بل الاستفادة مما نطرحه والاستماع إليهن فيما يطرح والاقتراحات التي يبدينهن، وليس المطلوب منهن أن يجلبن الشاي أو السكر للحسينية أو أي نوع من المأكولات، وكان سماحته يهدف من وراء ذلك عدم التأثير على الهدف الأصلي لإقامة مثل هذه الدروس، وتمييزها عما يطرح عادة في الحسينيات الخاصة بالأخوات المؤمنات، وكنت شخصياً أقوم بتسجيل هذه المحاضرات واحتفظ بها في مكتبة جامع النقي وقمنا بعد ذلك باستنساخها بأعداد كبيرة وبيعها على المهتمين بها، واستمرت هذه الدروس والمحاضرات لفترة ثم انتقلت إلى ديوان جامع النقي، وكان سماحة الشيخ الكوراني يلقيها من داخل المسجد، وبعد فترة تم إعداد مكان خاص للأخوات الكريمات في الدور الأول لأداء الصلاة جماعة واستخدام ذلك في نشاطاتهن المختلفة وخاصة الدروس الإسلامية الصيفية وأيضا الدروس الأسبوعية التي كانت تنظم للمراحل الدراسية المختلفة طوال السنة.

مرة أخرى نطلب من الأخوات الكريمات أن يساهمن ويزودن شبكة البشائر الإسلامية بذكرياتهن عن هذا النشاط وخاصة من واكبن وساهمن في ذلك.