فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





عمار كاظم عبدالحسين - 09/12/2015م - 1:30 م | عدد القراء: 1909




كيف يريد الله تعالى للمجتمع المؤمن الذي يتمثل بالمؤمنين، أن يعيش في سلوكه العملي وفي علاقته بين أفراده؟

وكيف يريد لهذا المجتمع أن ينفتح عليه وأن يؤكد دائما ايمانه به، وأن يعيش في احساسه ومشاعره الخشية منه، بحيث يتمثل كل فرد فيه عظمة الله تعالى في نفسه، فيرتعش قلبه لذكر الله تعالى، تماماً كما هو الإنسان عندما يتذكر شخصية عظيمة تخاف وترجى؟

في البداية، أراد الله تعالى أن ينشئ بين المؤمنين عقد اخوة، بحيث أراد للمؤمن أن يستشعر اخوة المؤمن الآخر، وذلك قوله تعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» لأن الأخوة الطبيعية تنطلق من الإتفاق بالنسب، ولكن الأخوة بين المؤمنين تنطلق من الإيمان بالله تعالى، ومن خلال الإرتباط به والعلاقة به، لذلك فهي علاقة أقوى من علاقة الأخوة النسبية، لأن الأخوة في النسب ينطلقون من خلال العلاقة بأب واحد، وأم واحدة، ولكن الأخوة في الإيمان ينطلقون من خلال خالق، الأم والأب، وخالق الناس جميعاً، ومبدع الخلق في القانون الذي يحكم مسألة التوالد والتناسل.

ولذلك، فإن الأخوة في الإيمان تنطلق من العقل أولاً، من خلال العقيدة التوحيدية بالله تعالى، وتتحرك في القلب ثانياً من خلال المحبة لله تعالى، وتتحرك في الحياة ثالثاً من خلال الحركة في طاعة الله تعالى.

يعلمنا أمير المؤمنين عليه السلام طريقة معاشرة الناس ومخالطتهم، ولا بد للإنسان من أن يختلط بالإنسان، لأنه المدني والاجتماعي بطبعه، وفي نفس كل إنسان فراغ يملأه الآخر، ليس فقط بين المرأة والرجل في احساس المرأة بالفراغ للرجل، واحساس الرجل بالفراغ للمرأة، بل إن الرجل في حاجة إلى صداقة الرجل الآخر ومودته، وإلى التعاون في الحياة كلها، وكذلك حاجة المرأة إلى المرأة في كل ذلك، ولذلك يوجهنا أمير المؤمنين عليه السلام إلى اسلوب المخالطة، فيقول: «خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ» بحيث تكون مخالطتكم لهم ملأى بالحب والخير والتعاون والمساعدة بالمشاعر الصادقة والطاهرة، فيشعرون بوجودكم الأساسي في الحياة، بحيث لو متم لشعروا بالفراغ الكبير والضياع لغياب هذا الحب وهذا الخير والتعاون، «وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ» واذا غبتم عنهم حنوا إليكم، لأن الإنسان يحن إلى من يحب، ويحن إلى ما يملأ فراغ نفسه.

فقدنا في الأيام الماضية، أخاً عزيزاً مؤمناً متديناً هو الدكتور ناصر صرخوه، الذي كان مثالاً صادقاً في خلقه الرفيع وتعامله مع الناس وابتساماته التي لا تفارقه ومشاركته لهموم الناس وقضاياهم، شهادة لمستها وسمعتها من كل من عاشره وخالطه، كان أستاذاً قديراً محباً للقراءة والإطلاع، مؤمناً رسالياً عمل في تطوير نفسه علمياً وإيمانيا، وكان مخلصاً متفانياً في العمل من أجل بلده ووطنه.

لم أره يحقد على أحد وإن اختلف معه في الرأي، وكان محباً للجميع وقد وصفه من عاشره لمدة 35 عاما الدكتور محمد الحكيمي في وصف دقيق برسالة أرسلها لي عندما أخبرته برحيل د. ناصر «اللهم أعنا على المصاب وألهمنا الصبر.. أيها المؤمن النقي التقي الأمين الصادق الثابت على الصراط في زمن عز فيه الناجون الفائزون وقل فيه الأصدقاء الأوفياء وندر فيه حلفاء النهج العلوي الأصيل فكراً وإلتزاماً، اللهم أكرم وفوده عليك وأشمله بفيوض لطفك ورأفتك ورحمتك وأسبغ على روحه الزكية ثوابك الغزير وثوابك الوفير وعطفك الكبير» .

وفي برقية تعزية تبين حقيقة الأخوة الإيمانية بعثها الوالد الغالي العزيز الحاج كاظم عبدالحسين حفظه الله تعالى ليعزي بالفقيد قال فيها «تلقيت ببالغ الحزن والأسى وفاة المغفور له أخي العزيز المؤمن المخلص لله تعالى أبو محمد الدكتور ناصر رحمة الله تعالى عليه، ولقد آلمني فراقه ولكن ما يخفف المصاب في مثل هذه المحن أن المعزى به هو إنسان مؤمن ومخلص وصاحب خلق رفيع» .

رحم الله تعالى الدكتور ناصر صرخوه وأسكنه فسيح جناته وحشره مع محمد وآله الطاهرين.

وإنا لله وإنا اليه لراجعون



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: