فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





محمد جواد كاظم - 10/07/2010م - 11:25 ص | عدد القراء: 1888


بسم الله الرحمن الرحيم (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) وأي مصيبة حلت بالمؤمنين بصفة خاصة وبالعالم بصفة عامة، لكننا لا نملك إلا أن نقول رضا بقضائك يا غياث المستغيثين فإنا لله وإنا إليه راجعون.. إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول ما يغضب الرب وإنا على فراقك يا أبا علي لمحزونون.

هناك أسماء في التاريخ أحدثت هزةً وتغييراً في عالمنا، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان وما يزال حديث الشرق والغرب من المسلمين وغيرهم، كذلك خليفته أمير المؤمنين علي عليه السلام الذي كتبوا فيه وما زالوا يتحدثون عن سيرته العطرة وهكذا الأئمة الأطهار عليهم السلام ومن خلفهم الصالحين.. هؤلاء امتلكوا عقول وقلوب الناس بأخلاقهم وأفكارهم ومعارفهم، بحبهم لدينهم وإخلاصهم له، وتحملوا آلام الأمة ومعاناتها وهمومها، على هذه السيرة الطيبة العطرة سار فقيدنا السيد محمد حسين فضل الله رضوان الله تعالى عليه الذي ارتضى هذا النهج وسار على نفس الخطى، نهل من نبع المصطفى وآله عليهم السلام، فكان أن ملك القلوب والعقول، عقول وقلوب الواعين من أبناء هذه الأمة.

لقد نذر فقيدنا الراحل حياته لله عز وجل وعمل له وجاهد في سبيله حق جهاده، وقف مع الحق وكان شجاعاً لا تأخذه في الله لومة لائم، هذه الصفة الأخيرة جيشت له جيوشاً من الأعداء حتى في بعض الأوساط المحسوبة على التدين والمؤمنين، لقد تعرض رضوان الله تعالى عليه لأكثر من محاولة اغتيال وتصفية جسدية من جانب أمريكا والعدو الصهيوني، كما تعرض لأعنف من ذلك لتصفيته فكرياً وعقائدياً حين وقف ضد التخلف والتعصب والجهل، لكن الجبل الأشم لا تهزه الرياح ولا تعصف به، كان يقول أن الحقيقة هي بنت الحوار، كان إسلامياً بمعنى الكلمة حيث تحرك في كل الإتجاهات تراه يدافع عن المسلمين أينما كانوا وفي كل بقعة من بقاع الأرض، فلسطين الحبيبة وأهلها كانوا في قلبه وفي حركته، تفاعله اليومي مع معاناة العراقيين وهمومهم وما يجري في داخل العراق، أما الجمهورية الاسلامية في إيران فكانت له كلمته المعروفة لو رجموني بالحجارة فسوف لن أتوقف عن الدفاع عنها، وهكذا ما يجري في لبنان وفي كل موقع فيه مسلم أو مستضعف كنت تجد له موقف وكلمة ومناداة وحركة.

 امتزجت أصالة وروح الإسلام مع فكره وحركته في الحياة، وهذا ما لمسناه في مؤلفاته التي لم تتوقف عند حد معين خاطب المرأة في دنيا المرأة ودنيا الشباب وكتب قضايانا في ضوء الاسلام وخطوات على طريق الاسلام في السبعينيات ومن يقرأهما يشعر اليوم بأنه قد كتبهما حديثاً..

كان كل همه وحدة الصف الاسلامي كان ينادي به ويعمل من أجله، حين كان يقال له أن هناك من تعرض لك وتحدث عنك كان يقول لهم بروح إيمانية.. أنا مسامحكم أنتم أولادي.

اسمحوا لي أن أعرض زاوية صغيرة من جانب مشرق من حياة هذا العملاق الكبير تبين وتوضح لنا جهاد وجهود هذا السيد الكبير، كنت ملازماً لسماحته قدس الله تعالى نفسه الطاهرة في رحلة الحج مع حملة التوحيد، كان يرى أن رحلة الحج إجازة من عمل شاق يمارسه في لبنان، وكنا نتعجب من ذلك لإزدحام برنامجه اليومي في المدينة المنورة ومكة المكرمة، كان يصلى الفجر ويبدأ بعدها بشرح دعاء الأيام أو دعاء الصباح وغيرها، ثم يبدأ الساعة الثامنة بلقاءاته اليومية وفي الساعة الحادية عشر صباحاً كان لديه الحوار المفتوح حيث كان يجيب على كل الأسئلة التي تطرح عليه من مبدأ كان يردده "ليس هناك سؤال تافه" وكانت هناك أسئلة شخصية كان يجيبها دون تردد، بعدها يصلي الظهر ومحاضرة بعدها، حتى وجبة الغداء تعتبر وجبة غداء عمل، يذهب لغرفته ليرتاح لكنه لا يعرف طعم لهذه الراحة فكثيراً ما كنت أراه إما أنه يقرأ أو يكتب حتى أني سألته مرة عما يكتبه فأجابني بأنه يكتب "من وحي القرآن الكريم" وهو كتاب في تفسير القرآن الكريم، وفي الساعة الرابعة له لقاء مع النساء في محاضرة والرد على أسئلتهن حتى موعد أذان المغرب، ليصلي المغرب ومحاضرة أخرى بعد صلاة العشاء بعدها يتناول وجبة العشاء لينطلق إلى الحرم الشريف ليلتقي بالمؤمنين الذين يتوافدون عليه للتبرك والسلام وللرد على استفساراتهم، وعند عودته لا ينام إلا متأخراً فيكون يستمع للأخبار ويقرأ ما تبقى من الصحف، وكنا قد اقترحنا عليه التخفيف من ساعات لقاءاته مع الناس فكان رده الحاسم لا أرضى لأن هؤلاء جاؤوا من بلاد بعيدة ولديهم استفساراتهم ثم أنا مسرور بهذه اللقاءات لماذا تحرمونهم وتحرمونني.

هذا الرجل الكبير في عطاءه لم يبخل يوماً من الأيام من ساعات عمره الشريف على الناس كانت حياته لحل مشاكلهم وقضاياهم، ولهذا ليس غريباً ما رأيناه من تشييع مهيب لجنازته الطاهرة ومن الحضور المنوع من أطياف المجتمعات في العالم.

لقد انطوت صفحة مشرقة من تاريخ حياة هذا الرجل ولكنه سيبقى شعلة وهاجة تنير درب الواعين من أبناء الأمة، سيبقى رجل الساحة في فكره وتربيته للشباب..

رحمك الله تعالى يا سيدنا يا أبا علي ونعاهدك البقاء على الدرب الإسلامي الأصيل، وستبقى في قلوبنا ومشاعرنا وحركتنا ولن ننساك أبداً..

نم قرير العين لقد كفيت ووفيت فجزاك الله تعالى عنا وعن الإسلام وأهله خير الجزاء.



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: