فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





باقر عبدالرضا جراغ - 26/10/2015م - 11:52 م | عدد القراء: 1800


فقدت الكويت أحد أبنائها البررة الذي كانت له اسهامات كبيرة جداً في مجالات متعددة بالمجتمع الكويتي وهو الحاج والمربي الفاضل المرحوم حسن حبيب السلمان من مواليد عام 1945 حيث عاش وتربى في أحياء الكويت القديمة حتى انتقاله هو وعائلته إلى المناطق الحديثة فمشوار حياته يكشف عن محطات حب الخير ومساعدة المحتاجين والفقراء ودوره الإنساني لم يتوقف يوماً عن نجدة الملهوفين في كل مكان.

كان المرحوم حسن السلمان منذ صغر سنه مهتماً بالتعامل الحسن مع جميع من يخالطهم، سواء كانوا من أسرته أو أصدقائه أو حتى الناس الذين لا يعرفهم ولا يعرفونه بالأسواق وغيرها من الأماكن، وكان دائم البحث عن العلم والمعارف الإسلامية على وجه التحديد.

وفي سبعينيات القرن الماضي كان المرحوم من رواد جامع النقي في منطقة الدسمة حيث كان معروفاً بالإلتزام الديني والخلق الرفيع ومواظبته على الصلوات في المسجد وحضوره الدروس الدينية المختلفة والتي كان لها الاثر البالغ في صقل شخصيته وجعلته من أهل التقوى والورع والعبادة، وأصبح محط أنظار الجميع فأخذه الشباب قدوة حسنة لهم وتعلقوا به وحيثما صادفتهم مشكلة في حياتهم لجأوا إليه، فقد عرف عنه أنه صاحب قلب كبير وحنون لا يرد سائلاً ولا يبخل على أحد بالنصيحة والتوجيه والإرشاد فكان بحق مربياً فاضلاً وأخاً ناصحاً ومنارة للهُدى والعلم.

وعرف عن الحاج أبوعلي خدمته لأماكن الذكر والعبادة وخدمة روادها، فتجده حاضراً في موسم الحج ومتواجداً في المساجد لإحياء ليالي القدر ومنظماً للشعائر الحسينية في شهر محرم الحرام، وإلى آخر أيام حياته.

ورغم المشاكل الصحية التي آلمت به إلا أنه لم يتوقف يوماً من الأيام عن الذهاب إلى المسجد لأداء الصلاة أو قراءة القرآن الكريم، ولم يتوقف عن السفر للحج أو العمرة أو زيارة المراقد والمشاهد المقدسة لأهل البيت عليهم السلام.

إسهاماته في المجلس البلدي

المرحوم حسن حبيب السلمان كان عضواً للمجلس البلدي في عام 1980م حيث ساهم بآرائه ومقترحاته ومداخلاته في جلسات المجلس ولجانه في تطوير الكثير من الأمور الخدمية في مختلف مناطق الكويت، وكان له الدور البارز في توضيح قرارات المجلس للناس وعلى وجه الخصوص قرارات ولوائح التثمين، فالناس لم يكونوا على اطلاع ودراية كافية بمثل هذه القرارات التي هي من صالحهم فكان هو يتصدى لتلك المسؤولية ويطرق الأبواب على المستفيدين ويعلمهم الطريقة السليمة والإجراءات القانونية الصحيحة.

جمعية الثقافة الاجتماعية

كان من أوائل المنتسبين لجمعية الثقافة الاجتماعية وكان عضواً لمجلس إدارتها لعدد من السنين، وبطبيعة الحال كانت له اسهامات متعددة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي حينما كانت الجمعية تعد من أبرز جمعيات النفع العام على مستوى دولة الكويت، فقد كان عنصراً فعالاً في مجلس إدارة الجمعية ولجانها المختلفة وتشجيع شبابها على التضحية والعطاء وابتكار الأنشطة المختلفة، حيث كان داعماً قوياً وأساسياً لشباب الجمعية في أنشطتهم وفعالياتهم والوقوف معهم حتى تحقق مشاريعهم بنجاح واتقان.

وحتى آخر أيام حياته كان الفقيد يتحدث عن فضل جمعية الثقافة الاجتماعية عليه وعلى شخصيته وأهمية معرفة دورها وفضلها على المجتمع، وعرفاناً منه اتجاهها كان يحضر جميع أنشطتها وجمعياتها العمومية ولم يكن يتغيب عن أي أحد منها إلا حينما يكون خارج الكويت.

الغزو الصدامي

في فترة الغزو الصدامي الغاشم على الكويت كانت له مساهمات في توفير المستلزمات الأساسية للصامدين في بلدهم، حيث كان يتنقل على دراجته الهوائية من منطقة إلى أخرى وكان يذهب بتلك الدراجة إلى المقبرة ليدفن الموتى، ولم يتوقف عن هذا العمل الإنساني حتى أثناء الضربة الجوية قبيل التحرير، حيث كان يغسل ويكفن الموتى ويصورهم ومن ثم يدفنهم وذلك لكي يتعرف عليهم أهلهم لاحقاً وعلى مكان دفنهم.

الأسرة

يعتبر الفقيد رمزاً من رموز عائلة السلمان والعوائل المرتبطة بها مثل أسيري وكمال وصفر وششتر حيث كان محترماً من الجميع ولم يقطع أرحامه أبداً فهو كان دائم الزيارة لهم في المناسبات كالأعياد أو الأفراح أو الأحزان أو حتى في الأيام العادية، فالجميع يشعر بقربه منهم، ورغم ما لديه من مشاغل يومية إلا أنه كان يزور أخته الوحيدة يومياً للإطمئنان والسؤال عنها ولو لدقائق معدودة.

المساعدات

عرف عن المرحوم حسن حبيب شغفه بعمل الخير ومساعدة المحتاجين فهو كان يبحث عن الثواب أينما كان، حيث كان يقصده التاجر ويقصده الفقير، فهو كان بمثابة همزة الوصل بينهما، فمن يرغب بعمل الخيرات كان يتوجه إليه ليرشده ويدله على الطريق الصحيح، والفقير كان يقصد المرحوم أبا علي ليعرض عليه حاجته فكان يلبيها له.

وكان يتألم حينما يسمع معاناة الفقراء، ولم يكن يكتفي بالتألم فقط أو ينتظرهم ليأتوا إليه، بل كان هو يذهب ويبحث عنهم ويتفقدهم ويسألهم عن احتياجاتهم ويوفرها لهم.

المجتمع

لم يكن المرحوم حسن حبيب من رواد الديوانيات اليومية، ولكن جميع رواد الديوانيات يعرفونه حق المعرفة ويشعرون بقربه منهم وتواصله معهم، فهو لم يكن يترك مريضاُ في مستشفى إلا وزاره، ولا أحد يتوفى إلا وذهب وعزى أهله وذويه، دائم الحضور في الأعراس والأفراح، تجده يومياُ يصلي في المساجد، يواظب على حضور الحسينيات ومجالس العزاء، فلا أحد يشعر بغيابه فترة طويلة فهو دائما حاضر على البال والخاطر، وإن رآك فهو يكون المبادر بالسلام والسؤال عنك وعن أسرتك، وعلى مدى خمسين عاماً لايتذكر رفقاءه بأنه يوماً أساء لأحد.

قضايا الإسلام والوطن

كان المرحوم الحاج حسن حبيب السلمان دائم الإنشغال بالقضايا الأساسية للأمة ومتابعاً جيداً لها ولانعكاساتها على المجتمع، فالقضية الفلسطينية بكل تشعباتها لم تغب يوماً عن ذهنه وتفكيره وكان من المحاربين للفتن التي تشتعل هنا وهناك، ومن الداعين للتحلي بالوعي والبصيرة وتشخيص الأمور بشكل دقيق وعدم ضياع الهدف والبوصلة والسير نحوهما والتي تتلخص في رضا الله عز وجل وخدمة الناس وإعلاء شأن الإسلام.

ومحليا كان مشاركاً فاعلاً في الحياة السياسية فهو كان دائم التحليل للقضايا المختلفة التي يمر بها البلد وصاحب رأي سديد حيالها، ورغم كبر سنه وتعب جسده إلا أنه لم يمل يوماً من المشاركة في الإنتخابات النيابية لمجلس الأمة والتي جرت على نحو متسارع في آخر ثماني سنوات، فهو لم يكتف فقط بالذهاب إلى التصويت، بل حث أسرته وعائلته وأصدقاءه ومجتمعه بالمشاركة الفعالة لإنتخاب ممثل الأمة القوي الأمين نظيف اليد والسيرة.

المقبرة

وهو في طريقه إلى المستشفى كان بكامل وعيه حيث كان يقول لمرافقيه لننته من هنا سريعاً لنذهب ونعزي بعض العوائل في فقد أبنائها ومن ثم نذهب إلى المسجد، باختصار هذا كان روتينه اليومي، فلم يكن غريباً أن يتوافد العشرات من أهله وأصدقائه على غرفته في العناية المركزة في المستشفى الأميري بعدما سمعوا خبر دخوله إليها، وبعد نبأ وفاته توافد الآلاف لوداعه ولتشييعه إلى مثواه الأخير في المقبرة الجعفرية، حيث كان مشهداً مهيباً، وتصدر الحضور علماء الدين والوجهاء والشخصيات السياسية وكبار السن والشباب والنساء، فكل من كان يعرف المرحوم حسن حبيب أو سمع بعطائه وخيراته وتضحياته كان موجوداً في المقبرة يذرف الدموع عليه ويتألم لفقده، وحتى في عزائه الذي أقيم في مسجد الحاج شعبان بمنطقة شرق توافد آلاف المواطنين من مختلف مكونات الشعب لتقديم واجب العزاء في فقيد الكويت الغالي.

وإذ ننتهز هذه المناسبة الأليمة للتعبير عن مواساتنا لأهل الفقيد وجميع محبيه سائلاً العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة إنه سميع مجيب.



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: