فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





باقر عبدالرضا جراغ - 26/10/2015م - 11:46 م | عدد القراء: 1769


في الاتصال شبه اليومي بيني وبين صديقي العزيز عبدالله الموسوي وهو من أقارب المرحوم والدي عصر يوم السبت الماضي أبلغني أن الحاج حسن حبيب السلمان أدخل لغرفة العمليات لإجراء قسطرة بعد أن شعر بنوع من التعب، فانتهت المكالمة بيننا بعد التمنيات والدعاء بالشفاء العاجل لأبي علي، كان تمنياً مردداً بين الاطمئنان لسير العملية التي تعتبر من الأمور الروتينية والسهلة نوعاً ما، وبين القلق على صحة الحاج أبوعلي.

 

بعد بضع ساعات قليلة أتى أحد الاخوة ليقول أن وضع الحاج حرج جداً وبحاجة ماسة إلى الدعاء والصدقة، في هذه اللحظات شعرت بأن هذا المريض هو والدي فدعاني كياني بالكامل وعقلي وعاطفتي للذهاب للمستشفى لأكون بقربه ولأطمئن عليه.

شعوري به كأب ليس جديداً فهو صديق أبي منذ أيام الصبا واستمرا على النهج والعمل ذاته في خدمة الناس والمستضعفين، وحتى بعد وفاة أبي قبل ثمانية عشر عاماً كان دائم السؤال عنا وعن أحوالنا، وكان لي الشرف أن أرافقه في عدة رحلات سفر، حيث لمست عن قرب مدى إخلاصه ووفائه وحبه لأبي وتقديره لي كوني ابن المرحوم «أبوباقر»، وفي أثناء تلك الاسفار شاهدت بأم عيني تقواه وورعه وعشقه لعبادة الله تعالى وخُلقه الرفيع وحب الناس له وتواضعه لهم، فكل هذا وأكثر يشعرك بأنه أب حنون عطوف ليس لي فقط، بل لجميع من عرفه ورأى ابتسامته الحانية وليس صديقاً وفياً لأبي وحسب بل لكل من عرفه وتعامل معه.

وصلت إلى المستشفى ولم أكن مستغرباً من وجود مجموعة من أقاربه ورفقاء دربه ومن هم بحسبة أبنائه في المستشفى جاء بهم ذلك الخبر المؤلم كما جاء بي للإطمئنان عليه والدعاء له، سألت ماذا قال الطبيب؟ فكان الجواب مؤلماً بأن قلبه قد توقف! لكن الأطباء استطاعوا إعادة النبض!

يا الله رحماك يا رباه هذا الحاج أبوعلي نريده معنا ولا يرحل عنا فنحن بأمس الحاجة إليه، نظرت إلى هاتفي وإذا به يغص بعشرات الرسائل التي تطلب له الدعاء والشفاء وتسأل عن أخباره، جاء الطبيب ثانية ليقول إن حالته غير مستقرة وحرجة إلى الآن ولكننا متمسكون بالأمل وبقدرة الله تعالى.

بعد منتصف الليل وحينما كان السكون والهدوء والترقب يخيم علينا بالمستشفى، واذا بالمصعد تنفتح أبوابه ويخرج منه الدكتور مسرعاً باتجاه غرفة المرحوم ومعه آخرون، لا شعورياً سبقتهم قلوبنا إلى غرفته ومن ثم بدأت أجسادنا بالنهوض، ما الأمر وما الخطب؟ ذلك القلب الحنون والكبير قد توقف ثانية، كأن الله تعالى يقول لنا قد حان وقت الرحيل، وانتهى عمر الحاج بهذه الدنيا، وعليكم أن تأخذوه قدوة لكم في حياتكم وعبادتكم وتعاملكم مع بعضكم البعض لأن الجزاء الأوفى بإنتظار الحاج حسن حبيب.

دقائق وخرج الطبيب من مقر عروج روح المرحوم إلى بارئها، لترتفع الأصوات بالبكاء والنحيب «إنا لله وإنا إليه راجعون»، فقد رحل الرجل الذي صنع الإبتسامة على محيا آلاف البشر وجاء دور أعيننا للبكاء عليه بعدما كان هو يبكي على مآسي ومعاناة الناس لعقود.

رحمك الله تعالى يا أبا علي فقد عشت لله وذبت في الله حتى توفاك الله، ونحن في المقبرة وفي الطريق لمثواه وقبره وقفت عند قبر والدي فقلت: (يبا صاحبك وصل) فمثلما افتقدت والدي فأنا اليوم أفتقد والداً آخر وهذا شعور جمع كثيراً من الأخوة، فقد رحل عنا ولكن حبه لن يرحل ومثلما كنت وفيا للناس سيبقى الناس أوفياء لك.

إلى جنان الخلد والرضوان أبا علي..



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: