فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





سيد رضا الطبطبائي - 17/05/2012م - 1:24 ص | عدد القراء: 3020


بدأ العمل حثيثا لمواجهة الموقف الجديد والصعب وغير المتوقع وتم تكليفي وكنت في وقتها طالباً في كلية الحقوق والشريعة بمراجعة المسئولين عن الرحلات الجامعية لإمكانية الحصول على رقم الهاتف الذي يمكن من خلاله التحدث مع الأخ العزيز عبد المحسن جمال أو إبلاغه من قبلهم ليقطع رحلته فوراً ويتوجه إلى الكويت، وأعرب المسئول عن أسفه لذلك وظن أن هناك أمرا غير عادي بالنسبة لأسرته أو أهله، على كل تم الحصول على رقم الهاتف، وفي المساء ذهبت مع المرحوم الحاج بومصعب إلى وزارة البريد والهاتف في الصفاة، وتم التحدث إلى الأخ العزيز عبد المحسن جمال بصعوبة (لم تكن الاتصالات بالمستوى الذي نراه الآن) ، ومن خلال الحديث كان يصر على معرفة الأمر ولماذا الرجوع بهذه السرعة فكان المرحوم الحاج بومصعب يقول (ما عليك ماكو شي الأمر متعلق بالجمعية) ، وعليه استطاع أن يستقل الطائرة وأن يصل إلى الكويت قبل ساعات قليلة من اجتماع مجلس الإدارة، وتم اصطحابه من المطار إلى المنزل وتوجيهه بأن لا يغادر المنزل إلا قبل انعقاد الاجتماع بوقت قصير جداً وقيل له بأن لا يتواجد في الجامع وقت الصلاة، وتم ذلك بكل سرية وبحيث لم يكن يعلم بذلك حتى كثير من الأخوة المقربين، بل إن بعضهم كان يعيش حالة من التوتر والترقب لما سيسفر عنه الاجتماع مساءً.

انعقد الاجتماع في الساعة المقررة، وكما أتذكر كان الساعة الثامنة مساءَ، وطرق باب غرفة الاجتماع الأخ العزيز عبد المحسن جمال ودخل فتفاجئ الجميع وخاصة الرئيس رحمه الله تعالى وصرخ (يابوه) ولا يفوتني هنا أن أذكر بأن الأخ العزيز عبد المحسن جمال كان ينتظر في السيارة التي أتى بها من المنزل في الشارع الذي يقع فيه مبنى الجمعية وكانت التعليمات ألا يحضر الجلسة عند الافتتاح ولكن بعد ذلك، وتم إفشال المحاولة التي أريد منها تجميد قرار نقل مبنى الجمعية إلى مكان آخر، بعدها بدأ المرحوم الحاج بومصعب رحلة البحث عن المقرر الجديد، وفيها أيضا بعض الطرائف ولكن نؤجلها لوقت آخر  .

تم تأجير مقر للجمعية في منطقة المنصورية وتم اتخاذ القرار من قبل المدير الداخلي المرحوم الحاج بومصعب (والذي كان يسمى من قبل الفئات الأخرى المرعب أو وزير الداخلية ) للانتقال إلى هذا المقر، ولكن العمل الآن يجب أن يكون أكثر سرية وتكتماً من ذي قبل لأنها تعتبر نقلة نوعية ومصيرية بالنسبة للتيار الجديد الذي بدأ يركز نفسه في الجمعية، ولم يكن يعلم بالأمر إلا القليل من الأخوة، وأقل من القليل أيضاً كان يعلم بموعد الانتقال بالساعة واليوم .

قبل البدء بعملية الانتقال والتي تعني نقل كل محتويات المقر إلى المقر الجديد تم مسح شامل لموجودات الجمعية وكان العائق الكبير هو نقل المكتبة بالسرعة الممكنة أو السرعة التي يتم فيها نقل الأثاث وجميع الموجودات، بحيث تتم العملية كاملة في نفس النهار وبدون أي تأخير أو تأجيل ليوم آخر أو لمساء نفس اليوم، واتفق على أن تكون الخطة بتجهيز الكتب ومحتويات المكتبة أولاً ثم البدء بنقلها وهكذا سار العمل، ففي ليلة النقل وبعد أن ذهب الجميع إلى منزله وغادر الكل مقر الجمعية (كان الديوان عامراً حتى منتصف الليل أو أكثر) ، بدأنا مع الأخ العزيز أبو يحيى محمد السبتي بوضع الكتب في كراتين أحضرت لذلك ومن دون أن يشعر بذلك حتى حارس الجمعية، إذ تم غلق المكتبة كلياً والبدء بهذه العملية، وتم الانتهاء بعد ساعات من العمل الدؤوب مصحوباً بالتوتر والحماس والشوق استعدادا للعملية الكبرى التي ستنطلق في تمام الساعة السادسة صباحاً  .

جاء الموعد وأحضر المرحوم الحاج بومصعب عدد من سيارات الشحن الكبيرة مع عدد من العمال الإيرانيين (المعروفين بقوة وسرعة أداءهم) ، وبدأ العمل والبدء بإخلاء مقر الجمعية من محتوياتها، انكشف الأمر بسرعة، فقد كان أحد المحسوبين على الطرف الآخر والذي كان يسكن في منزل والده على نفس مدخل الشارع الذي تقع فيه الجمعية (شارع بورسعيد) من شارع الاستقلال، أثار انتباهه دخول السيارات الكبيرة والعمال، وأخذ يترصد الأمر حتى علم أن وجهتها إلى الجمعية، فقام بالاتصال ببعض أعضاء مجلس الإدارة الذين بدورهم اتصلوا بعد بدء الدوام الرسمي بالمسئولين في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لإيقاف أو تأجيل عملية النقل، وكان أن اتصل أحدهم في هذه الأثناء وطلب المدير الداخلي الذي قيل له بأنه المسئول عنها، فرفع المرحوم الحاج بومصعب سماعة الهاتف وقال نعم، فقيل له بأن المسئول الفلاني من وزارة الشؤون يتصل فيكم، رد عليه (والنعم) فاستفسر عما يقوم به وأن هناك شكوى تقدم بها بعض أعضاء الجمعية وأنه كيف يمكنه القيام بمثل هذا العمل، فرد عليه المرحوم الحاج بومصعب أنني أنفذ قرار مجلس الإدارة الذي كلفني بالقيام به فجاء الرد من الطرف الآخر للهاتف (إذا جذي قواك الله) . وأيضا من الطرائف هنا أن أمين الصندوق عندما علم بذلك اتصل بالجمعية وتكلم مع أحد الأخوة وقال أوصل هذه الرسالة إلى المرحوم الحاج محمد خضير حبيب (بومصعب) بعدم المساس بغرفة الصندوق ومكاتبها وأن ينتظر وصولي لأن فيها بعض الأموال والفواتير (والتجوري) ، وعندما علم أخونا المرحوم الحاج بومصعب بذلك، قال لنا (تركوا اللي بيدكم وتوجهوا مع العمال لغرفة الصندوق) وبالفعل تم فتح باب الغرفة وخلال دقائق قليلة كانت خاوية على عروشها.

استمر العمل حتى بعد الظهر وتم الانتهاء من ذلك قبل أذان عصر ذلك اليوم، وأتذكر هنا بأنني عدت من المقر الجديد للجمعية في المنصورية إلى جامع النقي لكي أصلي الظهر والعصر، وبالصدفة عندما كنت أمشي أمام منزل إمام الجامع لأتوجه إلى المسجد، فتح الباب فجأة وإذا بسماحة الشيخ علي الكوراني يطل بابتسامته المعروفة ووقع عينيه عليّ وكنت ألبس ملابس العمل فسلمت عليه، وبادرني بالسؤال : سيدنا ماذا تم بخصوص عملية النقل ؟ فأجبته بأننا انتهينا من العمل وأنا ذاهب لأصلي الظهر والعصر الآن، فقال متعجبا (صح نقلتوا كل شيئ) قلت نعم لقد تمت العملية كاملة فرد عليّ ما معناه عندنا (قواكم الله) ويمكن الإنسان أن يعتمد عليكم.

ومن الطرائف أيضاً أنه في مساء ذلك اليوم ذهبت مع الأخ أنور عباس في سيارته (الفولكس واجن) وجلسنا فيها نراقب المبنى السابق للجمعية حيث جاء أحد كبار السن (رحمه الله تعالى.. انتقل إلى جوار ربه) ويريد دخولها، فقلنا له لا يوجد أحد لأن الربع نقلوا الجمعية إلى محل آخر فقال رحمه الله تعالى متعجبا.. أووخ بالسرعة!.

نعم كانت تلك نقلة نوعية في حياة التيار الشبابي الجديد وفي نشاط الجمعية، ولم تكن هناك أي مناوشات في داخل المقر الجديد، إلا يوم الاستقبال الذي تم تحديده بعد أن استكملت عملية الترتيب والتنظيم داخله ولكن كانت بصورة بسيطة من بعض الحرس القديم، وأيضاً في أول اجتماع للجمعية العمومية يعقد في المقر الجديد للنظر في التقريرين المالي والإداري وانتخاب أعضاء جدد لمجلس الإدارة، والذي أصبح الفوز الكاسح فيه من نصيب التيار الشبابي واستطاع مرشحي التيار الشبابي بأن يحصلوا على جميع المقاعد في مجلس الإدارة، وذلك بالعمل الدؤوب والقيام بتسجيل أكثر من مائتي عضو جديد ليكون ضماناً للفوز في هذه الانتخابات وتم ذلك بعون الله تعالى  .

بعد الاستقرار عكف الأخوة المرحوم الحاج محمد خضير حبيب والمرحوم الحاج عبد الرحمن الصغير والأخ العزيز حسين بارون (بوعمار) وبعض الأخوة الآخرين بقرار من مجلس الإدارة بجمع الأموال من خلال الاتصال بالشخصيات الرسمية والاجتماعية والتجار لبناء المقر الجديد للجمعية والتي كانت مخصصة له أرض من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبالفعل تم البدء بعملية بناء هذا المقر والانتهاء منه، وهو المقر الموجود حاليا في ميدان حولي وتم افتتاحه رسمياً، وكانت تلك نقلة نوعية أخرى في مسيرة الجمعية وشبابها، وصاحب ذلك أيضا بعض الطرائف والمواقف ولكن لا يسع المجال لذكرها الآن، ويمكن أن نذكرها في مناسبة أخرى إذا شاء الله تعالى   .

نكمل إن شاء الله تعالى في الحلقة الثالثة..



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: